جيوش صلاح الدين المنسية: من أفريقيا؟ 🤯📜

0
image_12-73






جيوش صلاح الدين المنسية: من أفريقيا؟ 🤯📜


جيوش صلاح الدين المنسية: من أفريقيا؟ 🤯📜

في أتون صراعات دامية، بزغ نجم صلاح الدين الأيوبي، الكردي الأصل، كقائد فذ وحد المسلمين في مواجهة الحملات الصليبية. من حطين إلى القدس، سطّر اسمه في سجلات التاريخ بصفحات من نور ونار. لكن، هل كانت جيوشه تتألف فقط من فرسان الشام ومصر؟ أم أن هناك قصة أخرى تنتظر أن تُروى؟ همسات التاريخ تشير إلى وجود محاربين قدموا من قلب أفريقيا، جنود سودانيون ربما قاتلوا تحت رايته. ففي خضمّ تلك الحقبة المضطربة، هل عبرت كتائب من النوبة والسودان رمال الصحراء للانضمام إلى جيش صلاح الدين؟ هل ساهموا، بتضحياتهم وبسالتهم، في استعادة القدس؟ وما حقيقة دورهم في تلك المعارك الفاصلة التي غيرت وجه العالم؟ أسئلة نبحث لها عن إجابات بين مخطوطات المؤرخين وروايات الرحالة، لنكشف النقاب عن قصة جيوش منسية من أفريقيا السمراء. هل يمكن أن تكون هذه الجيوش المنسية قد رجحت كفة النصر؟ ربما غيرت مجرى التاريخ بالفعل. في زمن صلاح الدين الأيوبي، لم يكن السودان كيانًا موحدًا، بل فسيفساء من الممالك القوية. في الشمال، برزت المملكة النوبية المسيحية، مملكة المقرة، وعاصمتها دنقلا القديمة. كانت المقرة قوة إقليمية مهيبة، بجيش منظم يعتمد على الرماة والفرسان، وبتحصينات قوية تحرس نهر النيل. وإلى الجنوب، امتدت مملكة علوة المسيحية، أضعف من المقرة، ولكنها صمدت وحافظت على استقلالها. ثقافيًا، ازدهرت هذه الممالك، حيث امتزجت التأثيرات المسيحية بالنوبية القديمة لتخلق فنًا فريدًا وهندسة معمارية مميزة. عسكريًا، كانت هذه الممالك قادرة على حماية نفسها، وتمتلك شبكات تجارية واسعة عبر الصحراء الكبرى والبحر الأحمر. لكن، هل استغلت هذه الممالك قوتها العسكرية للمشاركة في صراعات الشرق الأوسط؟ هذا ما سنحاول كشفه. لم يكن الجيش الأيوبي جيشًا عربيًا خالصًا، بل فسيفساء عرقية نابضة بالحياة، تعكس اتساع رقعة الدولة الأيوبية وتنوعها المذهل. فإلى جانب الجنود الأكراد، الذين شكلوا عماد الجيش بحكم أصول صلاح الدين نفسه، نجد الأتراك، والتركمان، والعرب من مختلف الأصقاع، وحتى الأوروبيين الذين قادتهم الأقدار إلى الأسر والانضمام إلى هذا الجيش المتعدد الجنسيات. لكن، ما يثير الدهشة والانتباه بشكل خاص هو الوجود الأفريقي. المصادر التاريخية الموثوقة تشير إلى وجود جنود سودانيين ونوبيين أشداء في صفوف الجيش الأيوبي، خاصة في وحدات الرماة والمشاة. هؤلاء الجنود، الذين جلبوا من مناطق جنوب مصر والسودان الحالي، لم يكونوا مجرد مقاتلين عاديين؛ بل تميزوا بمهارات قتالية عالية، وقدرة استثنائية على تحمل الظروف المناخية القاسية. لم يكن وجودهم مجرد إضافة عددية، بل أثرى الجيش الأيوبي بتكتيكات قتالية فريدة من نوعها، وتقاليد عسكرية مختلفة أضفت بعدًا جديدًا على فن الحرب. المؤرخ المقريزي يذكر في كتاباته فرقًا عسكرية كاملة تتكون بالكامل من الجنود السودانيين، مما يؤكد أهمية دورهم المحوري. هذه الفرق، على الأرجح، كانت تتمركز في البداية على الحدود الجنوبية لمصر لحمايتها، ثم اتجهت شمالاً للمشاركة في معارك حاسمة. الأدلة التاريخية، الوثائق والروايات، تشير بوضوح إلى أن وجهتهم كانت فلسطين. المؤرخ بهاء الدين بن شداد، شاهد عيان ومقرب من صلاح الدين نفسه، يسجل في كتابه النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية مشاركة وحدات سودانية في معركة حطين عام 1187م – تلك المعركة الفاصلة التي مهدت الطريق نحو تحرير القدس. يصف ابن شداد ببلاغة شجاعة وبسالة الجنود السودانيين، وكيف أن قتالهم اتسم بشراسة لا تُضاهى. أضف إلى ذلك، تاريخ الرسل والملوك للطبري، وهو مرجع تاريخي أساسي، يقدم إشارات مبكرة إلى وجود جنود من النوبة في الجيوش الإسلامية منذ القرن التاسع الميلادي. ألا يدل هذا على تقليد عريق من الخدمة العسكرية للسودانيين، مما يجعل مشاركتهم في جيش صلاح الدين أمرًا منطقيًا؟ ولا تقتصر هذه الأدلة على المصادر العربية وحدها. بعض الوثائق الأوروبية المعاصرة، رغم تحيزها، تذكر وجود جنود سود أو نوبيين ضمن جيش صلاح الدين. وعلى الرغم من أن هذه المصادر غالبًا ما تتسم بالعمومية وعدم التحديد، إلا أنها تقدم تأكيدًا خارجيًا لوجود أفارقة سود في الجيش الأيوبي. هذه الشهادات، جنبًا إلى جنب مع الأدلة الأثرية المحدودة التي تم العثور عليها في مواقع المعارك الصليبية، ترسم صورة أكثر اكتمالًا للجيش الذي استعاد القدس. الروايات الشفوية، كنوز دفينة من التراث السوداني، تحتفظ بذاكرة هذه الحقبة التاريخية. ففي شمال السودان، تحديدًا بين قبائل النوبة والمحس، تتناقل الأجيال حكايات مثيرة عن أجدادهم الذين ارتحلوا شرقًا، وشاركوا في حروب القدس. تصور بعض الروايات فرسانًا سودًا، يمتطون خيولًا أصيلة، ويشهرون رماحًا طويلة، مندفعين في معارك طاحنة. الشجاعة والمهارة القتالية تتصدر المشهد، وتضفي على هؤلاء المحاربين هالة من البطولة والفخر. لكن هل هذه القصص مجرد حكايات أبطال، أم صدى لواقع تاريخي؟ من الضروري أن ندرك أن هذه الروايات غالبًا ما تختلط بعناصر أسطورية آسرة، مما يجعل الفصل بين الحقيقة التاريخية والخيال الشعبي مهمة صعبة. ومع ذلك، فإن استمرار هذه الحكايات عبر القرون، أليس دليلًا قاطعًا على وجود أساس تاريخي لها؟ ألا يشير هذا إلى أن مشاركة سودانيين في الحملات الصليبية ليست محض خيال؟ والأكثر من ذلك، تحتفظ بعض القبائل بأغانٍ وأهازيج حربية مؤثرة، تتغنى بأمجاد هؤلاء المحاربين، وتذكر أسماء أماكن مثل عكا وبيت المقدس. ألا تعزز هذه التفاصيل فكرة وجود صلة مباشرة بين هذه القبائل وصراعات العصور الوسطى؟ ألم تدفعهم الرغبة في الغنائم، تلك الوعود المغرية التي لازمت كل حملة عسكرية في العصور الوسطى؟ الدين كان محركًا أساسيًا، لكن لا يمكن إغفال الطموحات الدنيوية. فهل كان انضمامهم إلى جيش صلاح الدين مجرد نصرة للدين، أم فرصة للتحرر من الفقر المدقع، أو ربما تحقيق مكانة اجتماعية أرفع؟ تشير بعض الروايات التاريخية إلى أن هؤلاء المحاربين الأفارقة شكلوا وحدات نخبة متميزة، رماة سهام مهرة لا يشق لهم غبار، وقوات اقتحام يعتمد عليها في كسر خطوط العدو، مستغلين خبرتهم الفريدة في التضاريس الصحراوية القاسية. بل إن المؤرخ بهاء الدين بن شداد نفسه وثّق وجود وحدات سودانية ضمن الجيش الأيوبي، مشيدًا ببأسهم وشجاعتهم النادرة في حصار عكا الشهير عام 1191. لكن يبقى السؤال ما هو مصير هؤلاء المحاربين الأشداء بعد انتهاء لهيب الحروب الصليبية؟ هل عادوا أدراجهم إلى ديارهم البعيدة في السودان، حاملين معهم ذكريات المعارك الدامية والانتصارات الغالية؟ أم أنهم استقروا في ربوع الشام الخصبة، ليذوبوا تدريجيًا في بوتقة المجتمعات المحلية المتنوعة؟ سجلات الأوقاف القديمة في مدينتي القدس ودمشق تشير إلى وجود عائلات سودانية استقرت في المنطقة خلال العصرين الأيوبي والمملوكي، مما يرجح بقاء البعض في هذه البقاع. إن البحث المضني يكشف لنا اليوم عن دور محوري طالما تم تجاهله. لم يكن جيش صلاح الدين الأيوبي حكرًا على العرب والأتراك، بل ضمَّ في صفوفه رجالًا أشداء من قلب أفريقيا السمراء، دافعوا ببسالة عن القدس وقاتلوا ببأس منقطع النظير. ألم يحن الوقت للاعتراف ببطولاتهم المنسية؟ إن الاعتراف بمساهماتهم ليس مجرد إضافة هامشية
جيوش صلاح الدين المنسية: من أفريقيا؟ 🤯📜 - Image 1
جيوش صلاح الدين المنسية: من أفريقيا؟ 🤯📜 - Image 2
جيوش صلاح الدين المنسية: من أفريقيا؟ 🤯📜 - Image 3


About The Author

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *